خرج شبل ذات يوم و تسعة ضباع إلى الأدغال بحثا عن غنيمة يقتاتون بها
و رجعوا بتسع بقرات و ثور. و عند اقتسام الغنيمة قال الشبل:
لنقسم قسمة العدل. حيوان واحد لكم و أنا آخذ التسعة الأخريات. هكذا نتعادل: عشرة بعشرة.
أخذت الضباع الثور و لم تجرؤ على الإعتراض و أخذ الشبل البقرات التسع و رجع كل إلى بيته.
و لما وصلت الضباع إلى بيتها، توجهت فورا لأبيها الذي سألها للحال:
ـ بماذا اتيتن؟ هل حصلتن على كثير من الأبقار؟
ـ لقد ذهبنا مع ابن الأسد و سرقنا تسع بقرات و ثورا، غير أنه احتفظ بكل البقرات و لم نرجع إلا بالثور.
غضب الأب غضبا شديدا و قرر أن يذهب حالا إلى الأسد رافضا ان يتركه يخدعه مثلما خدع اولاده و لبطالب بإعادة النظر في القسمة.
و لما وصل عند الأسد و معه الثور و سمع زئيره، بدأ يرتجف مثل الورقة و لم بجرؤ على البوح بالشكوى.
زأر الأسد قائلا : ماذا تريد؟
فأجابه بتواضع: أيها الأسد، إن لك تسع بقرات و لا تملك ثورا، فهاك هذا اقدمه إليك.
قال الأسد :حسنا إذهب و اتركه مع البقرات و عندما آكله تعال و خد الرأس و القرنين."
" حصة الأسد" هي اوّل " حكايات الزغاوة" التي جمعتها ، في منتصف خمسينات القرن العشرين، صديقتنا ماري جوزي توبيانا الباحثة الإثنولوجية الفرنسية التي تعدّ بين صفوة المختصين بمبحث مجتمع الزغاوة و صديقنا الراحل و زوجها جوزيف توبيانا الإثنولوجي و اللغوي المتخصص في اللغة الإثيوبية و الذي يهتم بالسودان منذ عقود طويلة.
صدر النص الفرنسي لحكايات الزغاوة قبل سنوات و اليوم يصدر النص العربي الذي ترجمته الأخت ناديا كركي المديرة السابقة لمركز المنى الثقافي في انجمينا.
صدر كتاب" حكايات الزغاوة" بالعربية ضمن اصدارات الجمعية الفرنسية " نحومعرفة افضل لتشاد"عن دار " لارماتان" الفرنسية
L’ Harmattan
ISBN : 978-2-296-06182-8
و قد قصد جامعا أحاجي الزغاوة من الترجمة العربية تيسير تداول هذا الكتاب في تشاد و في السودان، سيما و" دار الزغاوة" تمثل كجسر طبيعي بين البلدين..قدم للكتاب الإثنولوجي الرائد و الشاعر الفرنسي الكبير " ميشيل ليريس" في نص قصير عامر بالتفاكير نقتطف منه:
"لو لم يكن عنوان " قصص قاسية" من ممتلكات الكاتب الكبير" فيلي دو ليل آدم" لجاءنا إغراء إعطائه لهذا الكتاب الذي يجمع قصصا رواها للباحثين تلامذة أخذوها عن جدّاتهم".و الحكايات تزدحم بشخصيات رهيبة" مثل الغول و الثعابين التي لها رؤوس عديدة و أشكال مثيرة للقلق و عمالقة جشعون و شريرون، إضافة للأسد و ابن آوى و الثعلب بشهيتهم ككواسر، هم ابطال هذه الحكايات التي تظهر اغلبيتها ان الحيلة ـ سلاح الضعفاء ضد الأقوياء ـ هي الميزة الأساسية عندهم و لا تقل قيمة عن الشجاعة.
و لأوّل وهلة تبدو هذه القصص مطبوعة بوحشية غريبة،لا فقط نظرا لطبيعة و عدد الأشكال الآدمية و الحيوانية و الخرافية، و إنما نظرا لأعمال العنف و النهم التي نصادفها في كل منعطف.لكن هل هذه الصبغة المقاربة للسادية في القصص ـ بالنسبة لنا كغربيين ـ خاصية مميزة للزغاوة تنقل عبرها جدّات كل جيل نظرتهن للحياة؟
هل هي بصفة اوسع خاصية مميزة لإفريقيا السوداء؟ أم هل نحن امام ظاهرة مشتركة في كل ادب شفهي لأي مجموعة بشرية فقيرة أيا كان المكان و الزمان؟
و دون التعرض لهذه الإشكالية الشائكة، فإن الباحثان في مقاربة اضافاها للكتاب قدما قاعدة للتفكير لمن لا يقبل بالبقاء دون بعض الأجوبة.
و في قراءة هذه المحاولةـ مع التنويه هنا بأن المؤلفان عرفا البقاء داخل حدود مضبوطة بدقة ـ يتضح ان اكثر من موضوع في قصص الزغاوة يندرج في ما يمكن تسميته ، دون مبالغة كبيرة، بالفولكلور العالمي.
".." يبقى إن تمعّنا في ادبنا الشفهي، حتى من خلال الكتابات المنمّقة لـ " برو" و " قريم" ، إتضاح ما فيه من وحشية.فنحن ايضا لنا كم من غول و وحش و طاغية و أخوات غيورات و شياطين و سحرة. و قد جاءتنا هذه القصص ذات الأسس المغرقة في القدم، من فلاحين كانوا يعيشون تحت سيطرة النبلاء حياة اقل عرضة للمغامرات من الزغاوة".." لكنها لم تكن اسهل من حياة رعاة تحت سيطرة سلاطينهم و زعمائهم.
ألا يحملنا هذا الإعتقاد أن قصص نساء بمثل هذا القدر من القسوة، و المنشورة هنا، لا تمثل نتاجا مميزا لمخيلة شعب له عادات بدائية، يقدر ما تمثل عقلية ـ نراها بقدر متفاوت في كل ادب شعبي ـلأناس قادرين على مواجهة الأقوياء و الانتصار على الأحداث المناوئة لهم.
علاوة على أهمية هذه النصوص لمعرفة البشر،فإن لها، بلا شك، صبغة جمالية ، لا لشيء إلا لتجردها و تخلصها من كل حشو."
و رجعوا بتسع بقرات و ثور. و عند اقتسام الغنيمة قال الشبل:
لنقسم قسمة العدل. حيوان واحد لكم و أنا آخذ التسعة الأخريات. هكذا نتعادل: عشرة بعشرة.
أخذت الضباع الثور و لم تجرؤ على الإعتراض و أخذ الشبل البقرات التسع و رجع كل إلى بيته.
و لما وصلت الضباع إلى بيتها، توجهت فورا لأبيها الذي سألها للحال:
ـ بماذا اتيتن؟ هل حصلتن على كثير من الأبقار؟
ـ لقد ذهبنا مع ابن الأسد و سرقنا تسع بقرات و ثورا، غير أنه احتفظ بكل البقرات و لم نرجع إلا بالثور.
غضب الأب غضبا شديدا و قرر أن يذهب حالا إلى الأسد رافضا ان يتركه يخدعه مثلما خدع اولاده و لبطالب بإعادة النظر في القسمة.
و لما وصل عند الأسد و معه الثور و سمع زئيره، بدأ يرتجف مثل الورقة و لم بجرؤ على البوح بالشكوى.
زأر الأسد قائلا : ماذا تريد؟
فأجابه بتواضع: أيها الأسد، إن لك تسع بقرات و لا تملك ثورا، فهاك هذا اقدمه إليك.
قال الأسد :حسنا إذهب و اتركه مع البقرات و عندما آكله تعال و خد الرأس و القرنين."
" حصة الأسد" هي اوّل " حكايات الزغاوة" التي جمعتها ، في منتصف خمسينات القرن العشرين، صديقتنا ماري جوزي توبيانا الباحثة الإثنولوجية الفرنسية التي تعدّ بين صفوة المختصين بمبحث مجتمع الزغاوة و صديقنا الراحل و زوجها جوزيف توبيانا الإثنولوجي و اللغوي المتخصص في اللغة الإثيوبية و الذي يهتم بالسودان منذ عقود طويلة.
صدر النص الفرنسي لحكايات الزغاوة قبل سنوات و اليوم يصدر النص العربي الذي ترجمته الأخت ناديا كركي المديرة السابقة لمركز المنى الثقافي في انجمينا.
صدر كتاب" حكايات الزغاوة" بالعربية ضمن اصدارات الجمعية الفرنسية " نحومعرفة افضل لتشاد"عن دار " لارماتان" الفرنسية
L’ Harmattan
ISBN : 978-2-296-06182-8
و قد قصد جامعا أحاجي الزغاوة من الترجمة العربية تيسير تداول هذا الكتاب في تشاد و في السودان، سيما و" دار الزغاوة" تمثل كجسر طبيعي بين البلدين..قدم للكتاب الإثنولوجي الرائد و الشاعر الفرنسي الكبير " ميشيل ليريس" في نص قصير عامر بالتفاكير نقتطف منه:
"لو لم يكن عنوان " قصص قاسية" من ممتلكات الكاتب الكبير" فيلي دو ليل آدم" لجاءنا إغراء إعطائه لهذا الكتاب الذي يجمع قصصا رواها للباحثين تلامذة أخذوها عن جدّاتهم".و الحكايات تزدحم بشخصيات رهيبة" مثل الغول و الثعابين التي لها رؤوس عديدة و أشكال مثيرة للقلق و عمالقة جشعون و شريرون، إضافة للأسد و ابن آوى و الثعلب بشهيتهم ككواسر، هم ابطال هذه الحكايات التي تظهر اغلبيتها ان الحيلة ـ سلاح الضعفاء ضد الأقوياء ـ هي الميزة الأساسية عندهم و لا تقل قيمة عن الشجاعة.
و لأوّل وهلة تبدو هذه القصص مطبوعة بوحشية غريبة،لا فقط نظرا لطبيعة و عدد الأشكال الآدمية و الحيوانية و الخرافية، و إنما نظرا لأعمال العنف و النهم التي نصادفها في كل منعطف.لكن هل هذه الصبغة المقاربة للسادية في القصص ـ بالنسبة لنا كغربيين ـ خاصية مميزة للزغاوة تنقل عبرها جدّات كل جيل نظرتهن للحياة؟
هل هي بصفة اوسع خاصية مميزة لإفريقيا السوداء؟ أم هل نحن امام ظاهرة مشتركة في كل ادب شفهي لأي مجموعة بشرية فقيرة أيا كان المكان و الزمان؟
و دون التعرض لهذه الإشكالية الشائكة، فإن الباحثان في مقاربة اضافاها للكتاب قدما قاعدة للتفكير لمن لا يقبل بالبقاء دون بعض الأجوبة.
و في قراءة هذه المحاولةـ مع التنويه هنا بأن المؤلفان عرفا البقاء داخل حدود مضبوطة بدقة ـ يتضح ان اكثر من موضوع في قصص الزغاوة يندرج في ما يمكن تسميته ، دون مبالغة كبيرة، بالفولكلور العالمي.
".." يبقى إن تمعّنا في ادبنا الشفهي، حتى من خلال الكتابات المنمّقة لـ " برو" و " قريم" ، إتضاح ما فيه من وحشية.فنحن ايضا لنا كم من غول و وحش و طاغية و أخوات غيورات و شياطين و سحرة. و قد جاءتنا هذه القصص ذات الأسس المغرقة في القدم، من فلاحين كانوا يعيشون تحت سيطرة النبلاء حياة اقل عرضة للمغامرات من الزغاوة".." لكنها لم تكن اسهل من حياة رعاة تحت سيطرة سلاطينهم و زعمائهم.
ألا يحملنا هذا الإعتقاد أن قصص نساء بمثل هذا القدر من القسوة، و المنشورة هنا، لا تمثل نتاجا مميزا لمخيلة شعب له عادات بدائية، يقدر ما تمثل عقلية ـ نراها بقدر متفاوت في كل ادب شعبي ـلأناس قادرين على مواجهة الأقوياء و الانتصار على الأحداث المناوئة لهم.
علاوة على أهمية هذه النصوص لمعرفة البشر،فإن لها، بلا شك، صبغة جمالية ، لا لشيء إلا لتجردها و تخلصها من كل حشو."
الإثنين مايو 20, 2013 11:00 am من طرف shatil
» نعي اليم من ادارة منتدي ابناء الزغاوة
السبت أبريل 13, 2013 8:20 pm من طرف hawa todi
» السلام عليكم
الأحد ديسمبر 23, 2012 10:41 pm من طرف ترقو
» سلامات وبركات
الخميس ديسمبر 06, 2012 4:41 pm من طرف الطاهر
» مرحب بالعضو توم
الخميس ديسمبر 06, 2012 4:36 pm من طرف الطاهر
» نعي الفقيد خالد يوسف
السبت أكتوبر 20, 2012 10:43 am من طرف shatil
» عن حياة المجتمع
الجمعة يونيو 15, 2012 11:34 am من طرف fronsoi
» حول أهمية المسرح
الجمعة يونيو 15, 2012 9:53 am من طرف fronsoi
» اعلان هام عن انعقاد اجتماع انتهاء الدورة واختيار مكتب تنفيذي جديد
الخميس مارس 22, 2012 6:35 pm من طرف shatil